الجمعة، 29 أغسطس 2008

اشتقت لك أنات




في يوم من الأيام كانت مدينة عامرة بالحب والحنان اسمها " أناتُ روحٍ" تجلت بها مشاعر الحب، تألقت بسمائها نجوم الحنين، وأشرقت بفضائها زهور الياسمين، تألقت وفاضت بما بالنفس من أنين، كان الربيع وقتها، وزهور الرياحين عبيرها، ونسائم غروب تداعبها، ظنت أنها على العروش تربعت، وللقلوب أسرت، وللعيون بهرت، ولكن سرعان خريفها ما دب بأوصالها، وتناقلت الحروف نبأ وفاتها، فرثتها الجمل ببديع عباراتها:


إليكم رثاء عباراتها:



قد تخرج الكلمات الآن مبعثرة بدون تنظيم وترتيب



قد تحمل في طياتها آلاف المشاعر



قد تكون مفهومة



وقد تكون غامضة عفوية بريئة ...



وقد تعلن آلف سؤال ثائر



اشتقت لك أنات


اشتقت لروحك



لحضورك



لأجوائك


ولحروفك



حروفك التي انسابت انسياب الجداول



التي كانت مشعل حب في زمن الحب يعتبر عندكم زائر


ضيفا يمر سريعا قبل أن يحط رحاله



لا أعرف أألوم نفسي أم ألومكم؟!


لا تستغربوا إذا قلت لكم أنني بعد أنات فقدت معنى الكتابة وطعمها وذوقها


سابقا كانت للحروف نكهة مميزة



كانت ترتدي أمامي أجمل حللها ...


تتسابق في حضور أوراقي والقلم أشعر أنها تستجديني ...

تقول لي: بلسان حالها ...


ها أنا خذيني ...


انسجي مني آلاف العبارات ...


وانثريني بين طيات أوراقك لأكون لروحك اشراق ...


كانت سابقا لا تعرف للنوم معنى ...


تحركني تثير بداخلي ألف ألف هم



كنت كلما تركت القلم ... عاتبتني وقالت لي:


وأنا وما بي حبّ وشجن،


من لي بنسجي على صفحات باتت تشرق بألف نغم!!



كانت تقف أمامي لائمة معاتبه



وكنت لا أملك أمامها إلا أن أتركها تنساب بفيض خاطر
والآن؟



لا أنا أعرف للكتابة معنى ...


ولا الحروف باتت تملك نفس ثائر


موجودة أمامي جامدة لا حراك بها



لا الهوى يحركها ولا الشجن يشجيها



اشتقت لك أنات


في زمن بات الحرف فيه تهمة


انسجوا على هذه العبارة ألف قصة وقصة


فالتهمة هنا ... حرف


نعم أقولها واسمعوا جيدا ...


التهمة حرف حاول مرة أن يخرج للنور ...

ويبعث بشعاع لقلوب المحبين

حاول مرة أن يخرج من شرنقته ...


يتعرف معنى الحياة ...

حرف أُمِّل له أن يكون بداية جملة

نور لقصيدة شوق وعند اطلالته ...


وجهت له ألف تهمة وتهمة


قالوا:هذا نذير شر ...

وبداية شؤم ...


اجلدوه ... عاقبوه ... حاصروه ...

أعيدوه لشرنقته


وكونوا عليه بأنفسكم ...شاهد ورقيب



اشتقت لك أنات


التهمة هنا حرف ...


والجريمة جملة شاهدوه مرة بثوب ...


يحبوه ... يبحثوا عنه ...


يستجدوه ولكن كيف لهم أن يعلنوه ؟!


فالحرف تهمة ...

والجملة جريمة ...



والشعور تلحقه أكبر عقوبة



اشتقت لك أنات



في مساء خريفي أتيت إليك ...


باحثة على عتبات جملك ...



عن حروف تناثرت بغفلة عمر



أتيت أجمع شتات ألمها ...


وحنين نفسها ...



لأقول: أنني اشتقت لك



تعلمت سابقا أن فصول السنة تأتي متتابعة ...


تسير وفق دورة منظمة ...


لا تعرف بقانونها تقديما ولا تأخيرا



وفصولك أنات ...



ربيع زاهر مرّ على عجل ...



ليحط الخريف رحاله ويستقر



موت الحروف واحتضارها



على عتبات جمل كانت بانتظارها

(اشتقت لك أنات)




ليست هناك تعليقات: